السودان.. الحرب المنسية وتفاصيل ما جرى عندما انشغل العالم بالحرب على غزة

شهدت العاصمة السودانية الخرطوم تطورات متسارعة خلال الأسابيع الستة الماضية

عبد الفتاح البرهان رئيس مجلس السيادة والقائد العام للقوات المسلحة

في وقت كان فيه العالم منشغلا بما يحدث في غزة، تفجرت وقائع كثيرة في الحرب الدائرة في السودان بين الأطراف العسكرية.. تلك الحرب المنسية، إليك تفاصيل أهم جرى خلال شهر ونصف الشهر.

تواصلت المعارك بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع في العاصمة الخرطوم ومدن أخرى بإقليم دارفور غربي البلاد وهي تدخل شهرها الثامن، في ظل تدهور الوضع الصحي والإنساني من شح للأدوية والمواد الغذائية، إضافة إلى دمار كبير في البنية التحتية بمناطق الاشتباكات.

وخلال الـ45 يوما الأخيرة، غابت حرب السودان عن نشرات الأخبار في معظم المحطات العالمية بسبب العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة، لكن أصوات المدافع وأزيز الطائرات ودوي الانفجارات لم تتوقف يوما واحدا، وحصدت الحرب خلال تلك الفترة مئات القتلى والجرحى من المدنيين، وتواصلت حركة النزوح في معظم المناطق التي امتدت إليها المعارك.

اشتداد المعارك في دارفور

واشتد أوار المعارك في عدد من مدن إقليم دارفور غربي البلاد، ففي الحادي والثلاثين من أكتوبر/تشرين الأول الماضي، أعلنت قوات الدعم السريع سيطرتها على الفرقة 21 مشاة التابعة للجيش بمدينة (زالنجي) وسط دارفور.

وبعد معارك ضارية استمرت أكثر من أسبوعين، أعلنت قوات الدعم السريع، في السادس والعشرين من أكتوبر، سيطرتها على الفرقة 16 مشاة التابعة للجيش بمدينة نيالا بجنوب دارفور.

كما أعلنت في الرابع من نوفمبر/تشرينة الثاني الجاري الاستيلاء على الفرقة 15 مشاة التابعة للجيش بمدينة الجنينة بغرب دارفور، وفي الحادي والعشرين من الشهر ذاته، أعلنت سيطرتها على الفرقة 20 مشاة التابعة للجيش بمدينة الضعين بشرق دارفور.

قصف الجسور وتبادل الاتهامات

وشهدت العاصمة السودانية الخرطوم تطورات متسارعة خلال الأسابيع الستة الماضية، ففي السابع من نوفمبر، اتهمت قوات الدعم السريع الجيش بقصف مصفاة الخرطوم للبترول بالخرطوم بحري شمالي العاصمة بالطيران الحربي، بينما عزا الجيش الحادثة إلى اندلاع حريق بسبب انفجار ناقلة وقود تابعة للدعم السريع.

وفي صبيحة الحادي عشر من نوفمبر، استيقظ السودانيون على صور تُظهر تدميرا جزئيا لجسر (شمبات) الرابط بين مدينتي الخرطوم بحري وأم درمان وتبادل للاتهامات، حيث اتهم الجيش الدعم السريع بتدمير الجسر، ‏بينما اتهمت قوات الدعم السريع الجيش بتدبير الحادثة. والجسر الذي أنشئ في العام 1966 سيطرت عليه قوات الدعم السريع منذ بداية الحرب، وهو خط إمدادها الرئيسي بين قواتها المتمركزة في مناطق سيطرتها بمدن العاصمة الثلاث.

الحرب في السودان كانت لها نتائج كارثية على السكان (الفرنسية) (الصحافة الفرنسية)

وفي منطقة جبل أولياء جنوبي العاصمة الخرطوم، تجددت المعارك بين الجيش وقوات الدعم السريع، حيث قالت في الثاني عشر من نوفمبر إنها سيطرت على قاعدة النجومي العسكرية التابعة للجيش بالمنطقة، بينما ‏نفى الجيش ذلك.

وفي ظل تواصل المعارك بين الطرفين، اتهم الجيش في الثامن عشر من نوفمبر قوات الدعم السريع بتدمير جسر خزان جبل أولياء “جزئيا” الرابط بين منطقة جبل أولياء جنوب الخرطوم ومدينة أم درمان.

من جانبها، اتهمت قوات الدعم السريع الجيش بالتورط في الحادثة، بينما أعلنت قوات الدعم السريع في العشرين من نوفمبر سيطرتها على قاعدة جبل أولياء العسكرية التابعة للجيش وجسر الخزان.

محادثات جدة

وفي التاسع والعشرين من أكتوبر الماضي، انطلقت جولة جديدة من المفاوضات بين الجيش وقوات الدعم السريع بمدينة جدة السعودية، وبعد 10 أيام من المفاوضات أصدرت السعودية وأمريكا و”إيغاد” بيانا مشتركا في السابع من نوفمبر الجاري.

وأُعلن في البيان عن اتفاق الجيش السوداني وقوات الدعم السريع على إنشاء آلية تواصل بين قادة الطرفين واحتجاز الهاربين من السجون وتحسين المحتوى الإعلامي وتخفيف حدة اللغة الإعلامية كإجراءات لبناء الثقة، والالتزام بإنشاء آلية إنسانية مشتركة بقيادة مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية بالأمم المتحدة لمعالجة معوقات إيصال المساعدات الإنسانية، وعبَّر الميسرون عن أسفهم لعدم تمكن الطرفين من الوصول إلى اتفاق لوقف إطلاق النار.

أفراد من الجيش السوداني (AFP)

جولات خارجية

وبدأ رئيس مجلس السيادة عبد الفتاح البرهان جولة خارجية جديدة مع اقتراب الشهر الثامن للحرب، ففي الثالث عشر من نوفمبر، ‏عقد البرهان والرئيس الكيني وليام روتو جلسة محادثات في نيروبي، واتفقا على ضرورة عقد قمة عاجلة لمنظمة الإيغاد لبحث تسريع مفاوضات جدة لوقف الأعمال العدائية بالسودان.

وجدد البرهان عقب لقائه رئيس الوزراء الإثيوبي أبي أحمد في الخامس عشر من نوفمبر، تعاون الحكومة السودانية مع جميع المبادرات لإيجاد حلٍ للأزمة السودانية. من جانبه، أكد أبي أحمد أهمية تكامل المبادرات المطروحة لحل الأزمة السودانية.

وفي سياق العلاقات الخارجية للسودان، أعلنت وزارة الخارجية في التاسع من أكتوبر الماضي، استئناف العلاقات الدبلوماسية بين السودان وإيران.

إعفاء أعضاء بمجلس السيادة

وفي تطور لافت، أصدر رئيس مجلس السيادة عبد الفتاح البرهان في الثالث من نوفمبر مرسوما بإعفاء عضو المجلس ورئيس حركة تحرير السودان-المجلس الانتقالي الهادي إدريس من منصبه، كما أصدر في العشرين من نوفمبر مرسوما دستوريا بإعفاء عضو مجلس السيادة رئيس تجمع قوى تحرير السودان الطاهر حجر من منصبه.

القائد العام للقوات المسلحة السودانية عبد الفتاح البرهان

تقسيم السودان

البرهان قال خلال كلمته في أعمال القمة السعودية الإفريقية بالعاصمة الرياض في العاشر من نوفمبر، إن إشعال الفتن القبلية والحرب على أساس عرقي هما أحد أساليب القوات المتمردة، على حد وصفه.

من جانبه، اتهم قائد ثاني قوات الدعم السريع عبد الرحيم دقلو، ‏في فيديو مسجل بُث بتاريخ 14 نوفمبر، ما وصفهم بفلول النظام السابق بالترويج لدعاية “خطيرة” تفيد بأن “سيطرة قواتنا على دارفور تمهيد لتقسيم السودان”، مؤكدا أنهم يعملون “من أجل سودان واحد موحد”.

قائد قوات “الدعم السريع” بالسودان محمد حمدان دقلو “حميدتي” في ظهور علني أمام مقاتليه

إنهاء حالة الحياد

وفي تطور لافت، أعلنت حركة تحرير السودان بقيادة حاكم إقليم دارفور مني أركو مناوي وحركة تحرير السودان بقيادة مصطفى تمبور وحركة العدل والمساواة بقيادة وزير المالية جبريل إبراهيم، في السادس عشر من نوفمبر، إنهاء حالة الحياد من طرفي الحرب ومشاركتها إلى جانب الجيش في الحرب.

في المقابل، أعلن رئيس حركة تحرير السودان المجلس الانتقالي عضو مجلس السيادة السابق الهادي إدريس ورئيس تجمع قوى تحرير السودان عضو مجلس السيادة السابق الطاهر حجر ونائب رئيس التحالف السوداني وزير الثروة الحيوانية السابق حافظ عبد النبي، في بيان مشترك في الثامن عشر من نوفمبر، تمسكهم بموقف الحياد تجاه طرفي الحرب والسعي لإيقافها عبر الطرق السلمية.

المصدر: الجزيرة مباشر

إعلان